معدات وحفارات مصرية تستعد لعبور معبر رفح للمشاركة في إعادة إعمار غزة

بدأت مصر، صباح اليوم، في إرسال قافلة من المعدات الثقيلة إلى قطاع غزة عبر معبر رفح البري، ضمن خطة وطنية بالمجهود الذاتي للمشاركة في إزالة الركام وإعادة الإعمار بعد الحرب الأخيرة.
وضمّت القافلة جرافات، حفارات، رافعات ضخمة، إلى جانب منازل متنقلة (كرفانات) لتوفير سكن مؤقت للأسر المتضررة، في خطوة عملية تؤكد استمرار الدور المصري في دعم الشعب الفلسطيني.
تأتي هذه التحركات ضمن خطة مصرية شاملة لإزالة آثار الدمار وتسهيل العودة إلى الحياة الطبيعية في القطاع، وتُعد جزءًا من الجهود الإنسانية التي تبذلها القاهرة لإعادة إعمار غزة بعيدًا عن أيّ حسابات سياسية أو مشاريع خارجية تمسّ بالسيادة الفلسطينية.
في المقابل، تتقاطع هذه الجهود مع تصريحات مثيرة للجدل للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي أعلن مؤخرًا عن ما أسماه “مبادرة لإعادة إعمار غزة”، متحدثًا عن تحويل القطاع إلى “ريفييرا الشرق الأوسط”.
ورغم المظهر الإنساني للشعار، إلا أنّ المبادرة تثير تساؤلات حقيقية حول طبيعتها، ومصادر تمويلها، وأهدافها السياسية، في ظل محاولات واشنطن وتل أبيب صياغة مرحلة ما بعد الحرب وفق ترتيبات جديدة للنفوذ.
يرى مراقبون أنّ الإعمار في الخطاب الأمريكي يبدو أقرب إلى مشروع استثماري منه إلى التزام أخلاقي، فيما تسعى مصر إلى تأكيد البعد الإنساني الخالص لمساعيها داخل غزة، من خلال تدخلات مباشرة وواقعية بالمعدات والكوادر الهندسية.
وفي ظل هذا المشهد المتشابك، تبقى غزة بين ثلاثة احتمالات:عمار مشروط سياسيًا يعيد ترتيب الخريطة وفق مصالح القوى الكبر تحول استثماري مقلق يغيّر ملامح القطاع الثقافية والاجتماعية
تجميد الوعود، حيث تبقى الخطط حبرًا على ورق والناس تحت الركام.
ويبقى المبدأ الأصيل أن إعادة الإعمار ليست مشروعًا هندسيًا فحسب، بل امتحانٌ أخلاقي للعالم، يقيس مدى قدرته على تجاوز حساباته نحو إنصاف شعبٍ محاصر منذ عقود.
فـ غزة لا تحتاج إلى مقاولين جدد بقدر ما تحتاج إلى ضميرٍ عالميٍ حرّ يدرك أن العدالة هي أول شروط البناء، وأنّ ترميم الجدران بلا كرامةٍ هو إعادة إنتاجٍ للخراب بلونٍ جديد.


