حضرموت تنتفض.. واليمن على مفترق طرق
شهدت محافظة حضرموت تظاهرة جماهيرية واسعة، طالبت بعودة دولة الجنوب، في مؤشر واضح على تصاعد المزاج الشعبي المؤيد للانفصال. وتزامنت هذه التحركات مع انتقال المجلس الانتقالي الجنوبي إلى عدن، ما يعزز فرض أمر واقع سياسي وإداري في الجنوب، يُعيد إلى الواجهة فكرة استقلال الجنوب ككيان منفصل عن الشمال.
في الوقت ذاته، تتصاعد الحرب الأمريكية ضد الحوثيين، عبر ضربات عسكرية متواصلة تهدف إلى إضعاف قدراتهم وتقليص نفوذهم، في ظل دعم متنامٍ لمبادرات تقليم أظافر الجماعة سياسيًا وماليًا. هذا التحول يترافق مع حراك بريطاني غير معلن، قد يسعى إلى استثمار المشهد المتفكك لإعادة نفوذه عبر البوابة الجنوبية، خاصة في المناطق التي كانت تحت وصايته سابقًا.
وبينما تتبلور ملامح جنوب مستقل، يبقى موقف القوى العسكرية في الساحل الغربي، بما فيها قوات طارق صالح والجيش المحسوب على الشرعية، موضع تساؤل. فهل سيتقبلون هذا الواقع إذا تم إعلان الانفصال رسميًا؟ أم سيكون لهم موقف مضاد باعتبارهم ممثلين لمشروع “الوحدة” أو على الأقل لوحدة النفوذ في المناطق المحررة؟
من جهة أخرى، من المتوقع أن يشهد الشمال حالة من الصراع الداخلي في حال ضعُفت قبضة الحوثيين بفعل الضربات والعقوبات، خصوصًا مع احتدام التنافس بين مراكز النفوذ المختلفة: جماعة الحوثي، بقايا حزب المؤتمر، وقوى الإصلاح.
اليمن اليوم على مفترق طرق: إما تفكك نهائي يفرض واقعًا جديدًا بخريطة متعددة الكيانات، قد تُصاغ في إطار كونفدرالية رخوة، أو انفصال كامل بين يمنين شمالي وجنوبي، أو حتى انقسام متشدد تُفتح فيه أبواب الصراع بين مراكز قوى غير متجانسة. وفي المقابل، يظل خيار التوافق الوطني قائمًا، رغم بعده وصعوبة تحقيقه، كفرصة أخيرة لإعادة ترتيب المشهد اليمني قبل الانزلاق نحو الفوضى الكاملة.
في النهاية، فإن الشارع اليمني، بكل فئاته ومكوناته، هو وحده من سيحسم وجهة البوصلة: نحو التفكك، أو نحو إعادة البناء