شرق أوسط على صفيح من نار و هدنة مؤقتة وسباق نحو التسوية”

تشهد المنطقة حالة ترقّب حذر بعد دخول الهدنة بين إيران وإسرائيل يومها الثاني، وسط مؤشرات على نجاح أولي رغم تسجيل بعض الخروقات المحدودة. يأتي ذلك في أعقاب تصعيد غير مسبوق شمل استهدافات متبادلة لمواقع نووية ومراكز قيادة، ما دفع المجتمع الدولي إلى الضغط نحو تهدئة سريعة. ورغم هشاشة الهدنة، أعلنت الولايات المتحدة أن مسؤولين إيرانيين وأميركيين سيجتمعون الأسبوع المقبل لمناقشة الملف النووي، وهو ما اعتُبر انفراجة أولى منذ شهور من التوتر، فيما يرى مراقبون أن طهران قبلت بنصف نصر تكتيكي تجنّبًا لمزيد من الخسائر العسكرية والاقتصادية.

على الصعيد الاقتصادي، قفزت مؤشرات الأسواق الخليجية مدفوعة بتراجع المخاوف الجيوسياسية، وسجّلت بورصات السعودية وقطر والإمارات ارتفاعات فورية في قطاعي الطاقة والمصارف. كما شهدت أسعار النفط انتعاشًا محدودًا بدعم من احتمالات استقرار مؤقت في الإمدادات الإقليمية. في المقابل، تستمر الإجراءات الإيرانية الصارمة في الداخل، مع تنفيذ إعدامات بحق عناصر وُصفوا بأنهم “عملاء”، في رسالة داخلية تهدف إلى ضبط الجبهة الداخلية وتعزيز خطاب الانتصار السياسي.

تزامنًا مع وقف التصعيد، بدأت القاهرة والدوحة بإجراء لقاءات مكثفة مع وفود من “حماس” و”إسرائيل” بهدف تثبيت تهدئة شاملة في غزة، وسط دعوات عربية لتضمين الملف الفلسطيني ضمن أي تسوية إقليمية قادمة. ويُعتقد أن تسكين هذا الملف سيكون جزءًا من حزمة مغريات يُعرض بعضها سرًّا على إيران مقابل خفض التصعيد طويل المدى.

في اليمن، التزمت جماعة الحوثي منذ أيام بوقف عملياتها في البحر الأحمر، ضمن تفاهم غير معلن مع واشنطن، لكن قياداتها تلوّح بإمكانية استئناف العمليات إذا استمر الدعم الأميركي لإسرائيل. هذا التطور يربك المسارات البحرية الدولية ويضع ضغوطًا إضافية على جهود الوساطة الأممية المتعثرة في صنعاء.

وفي ظل الغموض الذي يلف الموقف الإيراني الداخلي، واستمرار التوتر  تبقى المنطقة مفتوحة على احتمالات متعددة، أبرزها العودة إلى دائرة التصعيد إذا لم تترجم الهدنة إلى اتفاقات أوسع تشمل الملفات النووية والفلسطينية واليمنية. هدنة معلقة على خيط دبلوماسي، وأسواق تستجيب بحذر، ودبلوماسية تسعى لاستثمار الهدوء الجزئي لتثبيت تسويات أوسع، بينما تبقى التهديدات المحتملة قائمة من اليمن وسوريا، وعيون العالم مفتوحة على الجولة القادمة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *