الطاقة الشمسية ضوء في نفق فساد كهرباء عدن
المواطن لايف –مقال تحليلي
منذ اندلاع الحرب في اليمن عام 2015، تحوّلت كهرباء عدن إلى واحدة من أكثر الملفات تعقيدًا وإثارة للجدل، ليس فقط بسبب الانقطاعات اليومية التي تخنق حياة الناس، بل أيضًا نتيجة شبكة الفساد والعقود المشبوهة التي ابتلعت مليارات الريالات باسم “الطاقة المشتراة”.
فخلال السنوات الماضية، تم توقيع عشرات صفقات الطاقة المؤقتة مع شركات غير مؤهلة، بعضها أنشئ في ظروف غامضة، حيث كانت المحطات تعمل لفترات قصيرة ثم تتوقف بسبب خلافات مالية أو رداءة التشغيل، فيما كانت فواتير الديزل تستنزف الخزينة العامة بمبالغ هائلة تتجاوز ملياري دولار خلال عقد واحد فقط.
اليوم، وبينما يعلو ضوء الشمس فوق المدينة، تتعلق آمال العدنيين بمشروع الطاقة الشمسية الجديد الذي أطلقته وزارة الكهرباء في مرحلتيه الأولى والثانية بطاقة إجمالية تصل إلى 240 ميجاوات قابلة للزيادة إلى 650 ميجاوات، في خطوة يُنظر إليها على أنها تحوّل استراتيجي نحو الاستدامة بعد سنوات من الفشل الحكومي والاعتماد على وقود الديزل المكلف.
وزير الكهرباء مانع بن يمين وصف المشروع بأنه “نقلة نوعية”، لكن خبراء الطاقة، ومنهم الدكتور مروان ذمرين من جامعة أوساكا، يرون أن الإشكالية ليست في إنتاج الطاقة بقدر ما هي في إدارة المنظومة.
فبدون حوكمة حقيقية للقطاع، وشفافية في عقود التشغيل والصيانة، ووقف النزيف المالي، فإن أي مشروع – حتى لو كان شمسياً – قد يتحول إلى رقم جديد في سجل الوعود الضائعة.
الواقع يقول إن عدن تحتاج إلى 750 ميجاوات في الصيف، فيما لا يتجاوز الإنتاج الفعلي نصف ذلك، وتبقى المدينة رهينة لعتمة طويلة تتخللها ساعات ضوء مؤقتة. لكنّ هذه المرة، يبدو أن الشمس قد تحمل فرصة حقيقية، بشرط أن تُطهر ملفات الكهرباء من الغبار السياسي والمالي الذي علق بها منذ سنوات الحرب.